صيدنايا: الألم والأمل.

Ibrahim Alalou
2 min readDec 10, 2024

--

تابعت مثلما تابع آلاف الناس مناظر تقشعر لها الأبدان وتنفطر أمامها القلوب الرهيفة ويندى لها جبين الإنسانية بُثت من سجن صيدنايا جعلتني أتساءل عن طبيعة البشر. أي نوع من البشر يتحمل هذا الكم المهول من العذاب والضنك والحرمان من أدنى حقوق الإنسان وفي المقابل من هي تلك الكائنات التي اقترفت تلك الأفعال التي لا تخطر على بال إنسان والتي فاقت في وحشيتها ما تقوم به ضواري البراري وكواسر الجوارح.

أيعقل أنهم يعيشون بيننا ويتنفسون الهواء الذي نتنفسه ويسلكون الطرقات التي نسلكها ويأكلون ما نأكل ويشربون ما نشرب.

وماذا عن الخارجين من هذا المسلخ البشري وقد جُردوا من إنسانيتهم أي شيء يعيد لهم أعمارهم التي ذهبت وعافيتهم التي ذوت وأحلامهم التي تبخرت؟

أم من يعيد لهم أحبابهم الذين رحلوا كمداً وكبدا وقضوا الأيام والسنون يحسبون الدقائق والساعات علهم يسمعون خبراً أو إلماحة تبشرهم بفرج قريب لمن غاب عنهم حضوراً ولم يفارق مآقيهم التي جفت لشدة ما فاضت وحناجرهم التي تحجرت.

كم من أم سهرت ليال طوال تناجي ربها وتدعو على الظالم في أوقات السحر وكم من والد مكلوم تاه رشده وحار عقله يبحث عن بارقة أمل بعودة من رباه صغيراً ليعينه في كهولته وإذا به يفقده في ميعة الصبا وعنفوان الشباب. كم من أخ فقد عضيده وأخت فقدت سندها وفخرها وكم من حرة أصبحت بلا معيل ولا نصير وكم وكم وكم.

ولكن الأمل كبير أن تنهض الأمة من كبوتها وأن تستعيد عافيتها ففيها رجال وحرائر صبروا على الظلم أعواماً مديدة وذاقوا من العذاب صنوفاً وألواناً ولم يفت في عضدها تلك الشدائد والمحن بل أثبتوا للعالم أجمع أن الأمل يخرج من رحم الألم وأن العالم سيشهد سوريا جديدة تتسع لجميع المخلصين لتتسامى على جراحها وتطوي صفحة الظلم إلى غير رجعة.

--

--

Ibrahim Alalou
Ibrahim Alalou

Written by Ibrahim Alalou

Life-long learner. Translator. Writer. Seeking answers to mind-boggling questions .إبراهيم العلو. من سوريا. مهندس زراعي . كاتب ومترجم. ibrahimalou.blogspot.com.

Responses (1)