البيانات الضخمة ودورها في تحديد الكتاب الأكثر مبيعاً
تأليف الدكتور: البرت لاسزلو بارباسي. أستاذ علم الشبكات في جامعة نورث ايسترن. بوسطن.
ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو.
يقرأ الأمريكي العادي كل عام 12 أو 13 كتاباً ولكن مع تواجد أكثر من 3 مليون كتاب مطبوع تصبح الخيارات مذهلة.
يصدر في كل عام أكثر من 100000 كتاب ولكن قلة منها تجذب القراء لدرجة تبوأها مرتبة على لائحة النيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعاً.
مما يرفع تساؤلات عديدة: كيف يصبح كتاباً ما ضمن الأكثر مبيعاً وأي نوع من الكتب أكثر إحتمالاً للوصول إلى اللائحة؟
قمت بصفتي مختصاً بعلم البيانات وبمساعدة الباحثة في مختبري الدكتورة بورجو يوجيسوي بوضع عادات المطالعة لدى الأمريكان تحت مجهرالبيانات.
وقمنا بتحليل أنماط المبيعات ل2468 عنوان أدبي و 2025 عنوان واقعي ممن وصلت إلى لائحة النيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعاً خلال العقد الماضي.
حياة حقيقية, فعل خيالي.
ذكرتني تلك البيانات أولاً لماذا لم تصل كتب مجموعتي المفضلة أي العلوم إلى الأكثر مبيعاً وبالكاد حققت 1.1%.
تنافس الكتب العلمية على بقعة ضمن الكتب الواقعية مع كل شيء إبتداءً من كتب الأعمال إلى التاريخ والرياضة والدين.
ومع ذلك لا تتطاير الكتب ضمن تلك التصنيفات من الأرفف أيضاً.
أي نوع من العناوين الواقعية ينجز ذلك؟ المذكرات والسير الذاتية حيث وقعت نصف تلك المجموعة المكونة من 2025 كتاباً ضمن هذا التصنيف.
ثم قمنا بتفحص اللائحة الأدبية. تركز وسائل الإعلام غالباً على القص الأدبي — أي الكتب التي تحظى بنقاش النقاد والإطراء لكونها مهمة وذات صلة ثقافية ومن ثم تُدرس في المدارس.
ولكن خلال العقد الماضي لم يصل سوى 800 كتاب إلى قائمة الأكثر مبيعاً ضمن مجموعة القص الأدبي. تمثل معظم الكتب الأكثر مبيعاً -67% من كافة العناوين الأدبية — أنواعاً أدبية مقادة بحبكة مثل الغموض أو الرومانسية أو نوع من الإثارة والتشويق على غرار ما يكتبه كلايف كسلر ودانييل ستيل.
ولا يوجد غرابة في ذلك فأعمال التشويق مرغوبة ولها من يشتريها.
ولكن المستغرب هو الدرجة التي وصلت بها الحال حيث سيطر قلة من المؤلفين بشكل متكرر: حصل 85% من الروائيين الواصلين إلى اللائحة على فرصة لوصول أعداد أخرى من مؤلفاتهم. خذ على سبيل المثال الروائي جيمس باترسون المختص بالغموض والتشويق حيث وصل 51 كتاب من كتبه إلى اللائحة خلال الفترة التي قمنا بإستكشافها.
وبالمقارنة لم يحصل سوى 14% من مؤلفي الأعمال الواقعية على أكثر من كتاب على اللائحة. وربما يُعزى ذلك لأن هذا النوع يتطلب خبرة في مادة موضوع محدد. وإذا كتب مؤلف ما عن كرة القدم أو علم الأعصاب أو حتى قصة حياته من الصعب أن ينتج أكثر من 10 كتب في الموضوع ذاته.
باع جيمس باترسون أكثر من 100 مليون نسخة من كتبه بإجمالي مبيعات يزيد عن مليار دولار.
منحنى مبيعات عالمي.
يتشوق الناشرون لوضع لصاقة “أكثر الكتب مبيعاً على لائحة النيويورك تايمز” على كل كتاب يحصل على مرتبة ضمن ال 15 موقعاً ضمن اللائحة.
ولكن ربع تلك الكتب ذات ظهور محدود على أسفل اللائحة حيث تتراجع بعد إسبوع من ذلك. وتمتلك 37% منها مقدرة على البقاء وتقضي أكثر من 4 أسابيع على اللائحة. وتحصل 8% منها على صدارة اللائحة.
وقد تحصل بعض الإستثناءات حيث تحتل بعض العناوين مرتبة ما لعدة سنوات: مثل كتاب “المساعدة” لكاثرين ستوكيت الذي بقي على لائحة الكتب الأدبية لمدة 131 اسبوع بينما بقي كتاب لورا هيلينبراند “المستمر” على لائحة الكتب الواقعية لرقم قياسي بلغ 203 اسبوع.
وهناك إعتقاد خاطئ يفيد بالحاجة إلى كتابة كتاب يحقق مبيعات هائلة كي يصل إلى اللائحة. تبيع معظم العناوين على اللائحة ما بين 10000 و100000 نسخة خلال عامها الأول. وفي عام 2009 وصلت مذكرات ميلاني جيدون “السنة الزلقة” إلى اللائحة بمبيعات سنوية تقل عن 5000 نسخة.
كيف يحدث ذلك؟
تظهر بياناتنا أن أفضل فرصة للوصول إلى اللائحة هي بعد النشر مباشرة.
وإكتشفنا أن مبيعات الكتب تتبع منحى مبيعات عالمي حيث توجد معادلة رياضية وحيدة تجمع كافة مبيعات الكتب الإسبوعية. يمتلك منحنى المبيعات نقطة ذروة مباشرة بعد النشر مما يعني بيع معظم النسخ خلال الأسابيع الأولى التي تلي إطلاق الكتاب. تصل الكتب الأدبية عادة إلى الذروة ضمن أول اسبوعين إلى ستة أسابيع أما الأعمال الواقعية فقد تحدث الذروة ضمن أي وقت خلال الأسابيع ال15 الأولى.
أظهرت دراسة للكتب الأكثر مبيعاً أن 4% من مبيعات الكتب الأدبية و6% من مبيعات الكتب الواقعية تحدث بعد أكثر من عام بعد النشر.
وربما تتسائل إن كانت بعض الكتب لا تنال الإهتمام اللائق لأنها تبني جماهيرها ببطء وبالتالي تصل إلى اللائحة الفارغة ولكن الحقيقة غير ذلك.
يتعلق الأمر كله بالتوقيت.
وبتعبير آخر فإن ما يحدث خلال نافذة زمنية صغيرة قد يتنبأ بنجاح الكتاب.
ولهذا السبب فإن زمن الإطلاق له أهمية بالغة خاصة أن العتبة اللازمة للوصول إلى اللائحة تتغير على مدار العام.
قد يحط بيع عدة آلاف من النسخ بالكتاب على اللائحة خلال شهر شباط أو آذار أما خلال كانون الأول عندما ترتفع المبيعات خلال موسم الأعياد فإن بيع 10000 نسخة خلال الأسبوع لن يضمن للكتاب الوصول إلى تلك المرتبة.
إذاً ما هو الوقت الأفضل للمؤلفين لنشر كتبهم؟
يعتمد الأمر على الظروف. إذا لم يمتلك المؤلف قاعدة جماهيرية قوية ورغب بالوصول إلى اللائحة من الأفضل أن يسعى للنشر خلال شهر شباط أو آذار.
وفي الوقت ذاته فإن الظهور على لائحة النيويورك تايمز لا يضمن أن الكتاب سيبيع نسخاً أكثر. تظهر الأبحاث أن الظهور على اللائحة يرفع المبيعات للكتاب المغمورين فقط ويختفي الأثر عادة بعد أسبوع إلى ثلاثة أسابيع.
لا يحدث الظهور على اللائحة بالنسبة للكتاب المعروفين أو المشاهير الذين يمتلكون قواعد معجين راسخة فرقاً كبيراً. وعوضاً عن ذلك يرغبون بمعاظمة المبيعات مما يعني إن أفضل وقت للنشر بالنسبة لهم هو أواخر شهر تشرين الأول: حيث يتوافق الإطلاق مع ذروة المبيعات في كانون الأول حيث تمتلئ المكتبات بمتسوقي أعياد الميلاد.
وهناك أنباء طيبة إذا كنت مثلي وكتبت عدة كتب لم تصل إلى اللائحة فلديك فرصة ثانية: أظهرت تحليلاتنا أن 14% من الروائيين وصلوا إلى اللائحة مع كتابهم الأول.
https://theconversation.com/what-big-data-can-tell-us-about-how-a-book-becomes-a-best-seller-106427
What big data can tell us about how a book becomes a best-seller
November 28, 2018 11.42am GMT
Author
Author of The Formula, Linked, and Bursts, Northeastern University