كرايستشيرش بين زلزالين

Ibrahim Alalou
2 min readMar 22, 2019

--

بقلم: إبراهيم عبدالله العلو

في الساعة 12:51 بعد الظهر بالتوقيت المحلي يوم 22 شباط عام 2011 ضرب زلزال بقوة 6.2 على مقياس ريختر مدينة كرايستشيرش النيوزيلندية أفضى إلى مقتل 185 شخصاً وإصابة ما يقرب من 2000 آخرين وأحدث دماراً هائلاً في المدينة الغناء التي تدعى “المدينة الحديقة”.

وفي يوم الجمعة الماضي(15 آذار 2019)

وفي الساعة 1:40 بعد الظهر حدث زلزال من نوع آخر استمر لدقائق معدودة أزهق 50 روحاً وجرح مثلهم و شغل العالم برمته ما بين مستغرب ومستهجن وناقد وناقم ومصدور ومصدوم.

ماالذي حدث للإنسانية التي وقعت ضحية لفعل إنسان تخلى عن إنسانيته في لحظة فارقة من التاريخ متوهماً ومتوعداً ومزلزلاً ببندقية رعناء مدينة وادعة ومزهقاً أرواحاً بريئة؟

لقد أحدث ذلك الزلزال الروحي والمعنوي أضراراً عميقة وأنكأ جروحاً نازفة واستأثر بعناوين الأنباء على مدى أسبوع كامل وسلط الأضواء على مظلومية المسلمين أينما حلوا وحيثما ارتحلوا.

لم يشفع لهم الوصول إلى أقاصي الأرض مثقلين بأحمالهم حتى تلقفتهم يد الغدر دون جريرة ارتكبوها أو جناية اقترفوها.

وعندما ظننا أن المدامع قد جفت والقلوب تحجرت لفرط ما رأينا أبى القلم إلا أن يفضح مكنون الصدور وأبت العيون إلا أن تجود.

لكن المنحة تكمن في المحنة. ما أن استفاقت تلك البلاد من هول راعها حتى شمرت عن ساعديها وأبرزت أجمل ما فيها من تعاطف وتكاتف وقد وقفت رئيسة وزرائها اليوم متشحة بخمار أسود وتتلفظ بأعذب ما قالت حين رددت قول الرسول صلى الله عليه وسلم بلكنة عربية محببة: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.

لله درك أيتها القائدة الشجاعة يا من وقفت وقفة يعجز عنها كثير من الرجال وقد أخجلت ذكورتنا وقزمت رجولتنا.

تلك هي المنحة التي ولدت من رحم المحنة.

فالعالم كله شهد على مظلمة من مظالم هذا العصر وتآزر ليصدر القوانين لحماية المساكين من توهمات بني البشر الذين ظنوا لوهلة أن بنادق صماء ستسكت صوت العقل وتعيد البشر إلى حيوانية مذمومة وبدائية مقيتة.

لم تدخر نيوزيلندا جهداً ولا مالاً لإصلاح ما خربه زلزالها الأسبق ولن تبخل اليوم بشيء لاجتثاث عقابيل هذا الزلزال الفكري الوافد الذي أراد أن يئد روح التسامح في مدينة حملت في إسمها إسم رسول السلام عيسى عليه السلام وكلنا أمل أن تصبح مثلاً يحتذى ونبراساً يقتدى كي يعم السلام والأمان أصقاع الأرض كافة ويعود البشر متحابين متسامحين وينبذون روح الكراهية والتعصب الأعمى والغرور الأجوف.

--

--

Ibrahim Alalou
Ibrahim Alalou

Written by Ibrahim Alalou

Life-long learner. Translator. Writer. Seeking answers to mind-boggling questions .إبراهيم العلو. من سوريا. مهندس زراعي . كاتب ومترجم. ibrahimalou.blogspot.com.

No responses yet